المسألة الثامنة: إذا جاء الزوجة نعي زوجها، وهي في بيت غير بيت زوجها، يلزمها الرجوع إلى مسكن الزوجية والقرار فيه | ونصت المادة 160 والمعمول بها حالياً على أن للمرأة العاملة التي يتوفى عنها زوجها الحق في إجازة بأجر كامل لمدة لا تقل عن 15 يوماً من تاريخ الوفاة، بينما تضمنت التعديلات المقترحة على هذه المادة: للمرأة العاملة المسلمة التي يتوفى زوجها الحق في إجازة عدة بأجر كامل لمدة لا تقل عن أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ الوفاة |
---|---|
وقال سعيد بن المسيب والنخعي: تعتد حيث أتاها الخبر، لا تبرح منه حتى تنقضي العدة | مكان العدّة للمتوفى عنها زوجها يجب على المرأة المُعتدّة عن وفاة زوجها أن تقضي فترة عدّتها في البيت الذي كانت تسكنه عند وفاته، وإلى هذا القول ذهب جماهير علماء ، إلّا أنّهم رخّصوا للمرأة إن خافت على نفسها في ذلك البيت أو لم تجد من يقوم بشؤونها ولم تستطع هي القيام بها أن تعتدّ في غير منزلها، حيث قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله-: إنّ المُعتدّة إن خافت في بيتها هدماً أو غرقاً أو نحو ذلك، أو إن أخرجها صاحب المنزل المُستأجر الذي تسكن فيه لانتهاء مدّة الإيجار، أو رفع عليها سعر الإيجار، أو لم تجد ما تدفعه له فلها أن تنتقل منه ولها أن تسكن حيث شاءت |
قالت زينب : سمعت أمي أم سلمة تقول : جاءت امرأة لى رسول اللَّه — صلى الله عليه وسلم — فقالت : يا رسول اللَّه : إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها ، أفنكحلها ، فقال رسول اللَّه — صلى الله عليه وسلم — لا — مرتين أو ثلاثـًا كل ذلك يقول : لا — ثم قال : إنما هي أربعة أشهر وعشر ، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول ، قال حميد : فقلت لزينب : وما ترمي بالبعرة على رأس الحول ؟ فقالت زينب : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشـًا ولبست شر ثيابها ، ولم تمس طيبـًا ولا شيئـًا حتى تمر بها سنة ، ثم تؤتى بدابة — حمار ، أو شاة ، أو طير — فتفتض به ، فقلما تفتض بشيء إلا مات ، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ، ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره.
18وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث , إلا على زوج , أربعة أشهر وعشرا متفق عليه " انتهى | واختلفوا في عدة المطلقة ثلاثاً في ، ثم توفي عنها؛ فقال مالك والشافعي تعتد عدة الطلاق؛ لأن الله تعالى جعل عدة المطلقات ثلاثة قروء، وقد أجمعوا على أن المطلقة ثلاثاً، لو ماتت لم يرثها المطلِّق؛ لأنها غير زوجة له، وإذا كانت غير زوجة، فهو غير زوج لها |
---|---|
والذي عليه العمل وجمهور أهل العلم أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها هي وضع حملها، ولو كان بعد فترة وجيزة من وفاة زوجها | واما إن كانت يائساً أو صغيرة لم تحض فعدتها ثلاثة أشهر، قال تعالى: { واللائي يئسن من المحيض من نساءكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن}، وهذا يدل على أن زواج الصغيرة جائز لأن الله قد جعل لها عدة |
عدّة المرأة المتوفى عنها زوجها اتّفق على أنّ عدّة المرأة المتوفى عنها زوجها تبدأ من لحظة وفاة الزوج، وليس بعد اليوم الثالث من الوفاة؛ إذ إنّ يوم الوفاة يعدّ من أيام العدّة، أمّا مقدار العدّة للأرملة، فهو: أربعة أشهرٍ قمريّةٍ وعشرة أيّامٍ، وأمّا إن كانت الأرملة حاملاً؛ فعدّتها تنتهي بوضع حملها، ودليل ذلك قول الله تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ ، والواجب على المرأة خلال مدّة العدّة اتّباع ثلاثة أمورٍ، هي: الاعتداد، والإحداد، ولزوم البيت، والمقصود بالاعتداد؛ التربّص بالنفس بعدم الزواج مدّة أربعة أشهرٍ وعشرة أيّامٍ في حال عدم وجود الحمل، وإن كانت المعتدة حاملاً؛ فعدّتها بوضع حملها، والمقصود بالإحداد؛ ترك الزينة ومظاهرها، وترك الإغراء، مثل: الكحل والصبغ والطيب والمساحيق، والحليّ والمجوهرات، المُزيّنة والمزركشة والمغرية، ودليل ذلك قول -صلّى الله عليه وسلّم- ممّا روته عنه أمّ حبيبة رضي الله عنها، حيث قالت: لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ، تُحِدَّ على ميتٍ فوق ثلاثٍ، إلَّا على زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا ، كما لا يجوز للمرأة المعتدة الخروج من منزلها إلّا لقضاء حاجةٍ، أو للعلاج، أو لشراء الضروريّات ممّا تحتاجه، أو لعملٍ ملتزمةٍ به إن كانت المعتدّة عاملةً؛ إذ إنّ لزوم البيت ممّا يناسب الحداد، كما أنّه يعمل على تسكين نفس أهل الزوج المتوفّى، ويبعد الزوجة عن الشبهات التي قد تُثار حولها، ومن الجدير بالذكر أنّ المعتدّة يجوز لها الخروج نهاراً، إلا أنّه لا يجوز لها الخروج ليلاً؛ لأنّ الليل موضع اتّهامٍ لها، فلا يجوز إلا في حالات الضرورة، ولا يجوز للمعتدة الخروج إلى لأداء الصلاة، ولا السفر لأداء الحجّ أو ؛ لأنّ والعمرة لهما متّسع وقتٍ لأدائهما، بينما العدّة محدّدةٌ بوقتٍ، ومن الأحكام المتعلّقة بالمعتدّة من وفاةٍ، أنّه يجوز للرجال التعريض والتلميح لخطبتها، كما يجوز إخفاء الرغبة في خطبتها في نفس الرجل، حيث قال الله تعالى في : وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ ، ويُمنع التصريح بالخطبة لها أو الالتقاء بها سراً؛ لأنّ ذلك ينشر الشائعات والفتن حولها، ولا بأس بالقول المعروف لها، ويندثر بانقضاء العدّة ما كانت ملتزمةً به من عدم وعدم التزيّن وعدم الخروج من البيت.