قال ابن عباس: إِقامتُها: إِتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} أي ومن الذي أعطيناهم من الأموال ينفقون ويتصدقون في وجوه البر والإِحسان، والآية عامة تشمل الزكاة، والصدقة، وسائر النفقات، وهذا اختيار ابن جرير، وروي عن ابن عباس أن المراد بها زكاة الأموال | وصح هذا فقد تعنت بنو إسرائيل وقالوا لموسى عليه السلام: هب أننا في مكان لا حجر فيه، من أين ينبع الماء؟ فلا بد أن نأخذ معنا الحجر حتى عطشنا ضربت الحجر وشربنا |
---|---|
ولا يكون ذلك إلا عند عدم تدبّره وترك العمل به | سورة البقرة هي أول سورة نزلت في المدينة ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح الاتفاق على ذلك ، فالنبي صل الله عليه وسلم هاجر من مرحلة الاستضعاف في مكة إلى مرحلة بناء الأمة في المدينة، فكان من الطبيعي أن تنزل سورة في هذه المرحلة ترشد الأمة كيف تكون مسؤولة عن الأرض |
كما قال الشاعر: ألا ليت الشباب يعود يوماً فأُخبره بما فعل المَشيبُ ومَنْ فاته شبابه لن يعود إلى يوم القيامة.
11يقول تعالى في الرد على مزاعم اليهود والمنافقين { إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا}أي إِن الله لا يستنكف ولا يمتنع عن أن يضرب أيَّ مثلٍ كان، بأي شيءٍ كان، صغيراً كان أو كبيراً { بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} أي سواء كان هذا المثل بالبعوضة أو بما هو دونها في الحقارة والصغر، فكما لا يستنكف عن خلقها، كذلك لا يستنكف عن ضرب المثل بها | وأما بقية السورة الكريمة فقد تناولت جانب التشريع، لأن المسلمين كانوا -وقت نزول هذه السورة- في بداية تكوين "الدولة الإِسلامية" وهم في أمسّ الحاجة إِلى المنهاج الرباني، والتشريع السماوي، الذي يسيرون عليه في حياتهم سواء في العبادات أو المعاملات، ولذا فإِن السورة تتناول الجانب التشريعي، وهو باختصار كما يلي: "أحكام الصوم مفصلة بعض التفصيل، أحكام الحج والعمرة، أحكام الجهاد في سبيل الله، شؤون الأسرة وما يتعلق بها من الزواج، والطلاق، والرضاع، والعدة، تحريم نكاح المشركات، والتحذير من معاشرة النساء في حالة الحيض إِلى غير ما هنالك من أحكام تتعلق بالأسرة، لأنها النواة الأولى للمجتمع الأكبر" |
---|---|
الأمر بعبادة الله وحده وأدلة التوحيد {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 21 الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ 22 } | من قبلك: جار ومجرور متعلق بأنزل |
ومن طُبِع على قلبه فلن يهتدي أبداً.
والجملة الاسمية: خبر المبتدأ الأول والعائد فيها هو اسم الإشارة القائم مقام الضمير ومعناه: انّ ذلك هو الكتاب | فائدة: كفر اليهود وعنادهم كان أحد أسباب نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الأوس والخزرج عندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكروا تهديد اليهود لهم به ونعوته فسارعوا للإيمان به ومبايعته ونصرته، فعظم من سخر أعداءه لنصرة شريعته |
---|---|
ولما كان هؤلاء اليهود -ومن سار على طريقهم- عصاة ومشركين استحقوا الخلود في النار {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} | ومن قسى قلبه لا ينفعه بشيء إن لم يتدارك نفسه، وهو عرضة لغضب الله، ومن غضب الله عليه طبع على قلبه |
أكَّد وَنبَّه وحصر السفاهة فيهم، ثم قال تعالى منبهاً إِلى مصانعتهم ونفاقهم: { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} أي وإذا رأوا المؤمنين وصادفوهم أظهروا لهم الإِيمان والموالاة نفاقاً ومصانعة { وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} أي وإِذا انفردوا ورجعوا إِلى رؤسائهم وكبرائهم، أهلِ الضلالِ والنفاق { قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ} أي قالوا لهم نحن على دينكم وعلى مثل ما أنتم عليه من الاعتقاد، وإِنما نستهزئ بالقوم ونسخر منهم بإِظهار الإِيمان.
15