وهو إذا شاهدها وقد وقفت علم أن قولها : قاف إجابة لقوله ، وتعجب منه في قوله قفي لنا | يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ 30 وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ 31 هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ 32 مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ 33 ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ 34 لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ 35 |
---|---|
وكل ذلك دليل على أنه كان يقرأ بها في المجامع الكبيرة كالعيدين والجمع، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور والمعاد والحساب والجنة والنار والثواب والعقاب والترغيب والترهيب | ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ 34 ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ " اُدْخُلُوهَا" أَيْ الْجَنَّة " بِسَلَامٍ " قَالَ قَتَادَة سَلِمُوا مِنْ عَذَاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ مَلَائِكَة اللَّه وَقَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى " ذَلِكَ يَوْم الْخُلُود " أَيْ يَخْلُدُونَ فِي الْجَنَّة فَلَا يَمُوتُونَ أَبَدًا وَلَا يَظْعَنُونَ أَبَدًا وَلَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا |
ونحو الآية قوله: « أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى، بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ».
24وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب, لأنه لا يعرف في أجوبة الأيمان قد, وإنما تجاب الأيمان إذا أجيبت بأحد الحروف الأربعة: اللام, وإن, وما, ولا أو بترك جوابها فيكون ساقطا | ولم يقيد هنا العباد بالإنابة كما قيد به في قوله: « تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ » لأن التذكرة لا تكون إلا لمنيب، والرزق يعم كل أحد، غير أن المنيب يأكل ذاكرا وشاكرا للإنعام، وغيره يأكل كما تأكل الأنعام، ومن ثم لم يخصص الرزق بقيد |
---|---|
وهذا السؤال والجواب جىء بهما للتمثيل وتصوير المعنى بإبرازه في لباس المحسوس ليتضح أمره | وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ أي: قربت بحيث تشاهد وينظر ما فيها، من النعيم المقيم، والحبرة والسرور، وإنما أزلفت وقربت، لأجل المتقين لربهم، التاركين للشرك، صغيره وكبيره ، الممتثلين لأوامر ربهم، المنقادين له، ويقال لهم على وجه التهنئة: هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ أي: هذه الجنة وما فيها، مما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، هي التي وعد الله كل أواب أي: رجاع إلى الله، في جميع الأوقات، بذكره وحبه، والاستعانة به، ودعائه، وخوفه، ورجائه |
روي عن ابن عباس أنه قال: سبقت كلمته: لأملأنّ جهنم من الجنة والناس أجمعين، فلما سيق أعداء الله إليها صارت لا يلقى فيها فوج إلا ذهب فيها ولا يملؤها شيء فتقول ألست قد أقسمت لتملأنّى؟ فيضع قدمه عليها فيقول: هل امتلأت؟ فتقول: قطّ قطّ كفى كفى قد امتلأت لا مزيد.