ودلت هاتان القصتان على أنه حين يسود الشر، ويسفر الفساد، ويقف الخير عاجزاً، والصلاح حسيراً، ويُخشى من بالبأس والفتنة بالمال، عندئذ تتدخل يد القدرة سافرة متحدية، بلا ستار من الخلق، ولا سبب من قوى الأرض، لتضع حداً للشر والفساد | ويبدو أن العقلاء من قومه نصحوه بالقصد والاعتدال، وهو المنهج السليم |
---|---|
قال ابن عاشور: "ويقرب عندي أن يكون المسلمون ودوا أن تفصل لهم قصة رسالة موسى عليه السلام، فكان المقصود انتفاعهم بما في تفاصيلها من معرفة نافعة لهم؛ تنظيراً لحالهم وحال أعدائهم | وكُنتُ بِحَلب فالذي اسْتَضافَني أراد أن يُطْلِعَني على أحد الأحياء الفَخْمة فرأينا قصْرًا قال لي: كلَّف هذا القصْر صاحِبَه خمْسًا وثلاثين مليون سنة الأربع والسَّبعين، وخمسة ملايين رخام أونيكس، والمُهَنْدِسون اسْتَقْدَمَهم من أوروبا، صاحب هذا القصْر تُوُفِّي في الثانِيَة والأربعين وكان القبْر أصْغَر من صاحب هذا القصْر، فَوُضِعَ مُعْوَجًّا!! فقال موسى : اللهم مر الأرض أن تطيعني اليوم ، فأوحى الله إليه أني قد فعلت ، فقال موسى : يا أرض ، خذيهم |
وهكذا دمر قارون بسبب معصيته لما كان لديه من أموال وثروات | وتحداهم بإعجاز القرآن وهديه مع هدي التوراة |
---|---|
لذا ، إذا ماذا قال كان صحيحا ، لن نعاقب أحدا ممن فعلوا ثروات أكثر منه ولن يكون ثروته وثرواته دليلاً من حبنا أو رعايتنا له | فعند ذلك خر موسى لله عز وجل ساجدا ، وسأل الله في قارون |
وقيل: إنَّ قارون كان على سريره، فأخذته الأرض حتى غيَّبت سريره، ثُمَّ قال موسى -عليه السلام- للأرض خُذيهم: فأخذتهم حتى الرُّكب، ثُمَّ إلى أوساطهم، ثُمَّ إلى أعناقهم، فناشده قومه أربعون مرَّةً، وقيل: سبعون، وموسى -عليه السلام- لا يلتفتُ إليهم لشدَّه غضبه عليهم، فقيل: إنَّ الله -تعالى- أوحى إلى موسى -عليه السلام- وقال له: ما أغلظ قلبك، يستغيث بك قارون سبعين مرَّةً فلم تُغثه، أمَّا وعزتي وجلالي لو استغاث بي مرَّةً لأغثته.
16